الحقيقة البسيطة
شعر: فيليب لافينترجمة: أحمد حوزة
اشتريت مقدار دولارٍ ونصف من البطاطا الحمراء الصغيرة،
أحضرتها معي إلى المنزل، وسلقتها بقشرتها
وتناولتها على العشاء مع قليل من الزبدة
والملح.
ثم تمشيت عبر الحقول المجففة
على طرف المدينة. النور في منتصف يونيو
معلقٌ على جوانب خطوط الحراثة المعتمة
تحت قدميّ،
وعلى سنديان الجبال في الأعالي كانت
الطيور
تتجمع لقضاء الليلة، عصافير الزِرياب
والمُحاكي
تتبادل الزعيق بين بعضها، بينما الحساسين كالسهام
تندفع في قلب الضوء المغبر. والمرأة
التي باعتني البطاطا
جاءت من بولنده؛ تشبه شخصية خرجت من ذاكرة طفولتي
مرتدية سترة تلمع بالترتر ونظارات شمسية
مرتدية سترة تلمع بالترتر ونظارات شمسية
وقفت تتغنى بجمال كل خضارها وفاكهتها المعروضة
على الطاولة المنصوبة بجانب الطريق، تلحّ علي أن
أتذوق
ولو حتى الذرة الحلوة شاحبة اللون، المجلوبة
بالشحانات
-كما أقسمت المرأة- من نيو جيرسي نفسها. «كُلْ، كُلْ»، قالت المرأة،
«وإن لم تفعل سأقول أنا أنك أكلت.»
بعض الأمور -تعرفونها-
تعرفونها طوال حياتكم. أمور بسيطة
للغاية وصادقة
لا بد من قولها بلا تأنق أو وزن أو قافية،
ولا بد من وضعها على الطاولة بجوار الملّاحة
بجوار كوب الماء، والضوء غيابه متجمع
في ظلال براويز
الصور، لا بد وأن تكون
مجردة ومنفردة؛ ولا بد أن ترمز لنفسها.
صديقي هنري -وأنا- وصلنا لهذه [الفكرة] معًا
في 1965
قبل رحيلي بعيدًا، وقبل أن يبدأ هو في قتل نفسه،
قبل أن يبدأ كلانا في خيانة حبنا. أيمكنكم تذوق
ما أقوله لكم؟ أهو بطاطا أم بصل، رشة
ملح عادي وثراء طعم زبدة تذوب: إنه مذاق واضحٌ
يظل[ملتصقًا] بمؤخرة حلوقكم كحقيقة
لم تتفوهوا بها أبدًا لأن الوقت غير مناسب دائمًا؛
وتظل مكانها لآخر عمركم الباقي، حبيسة بحلوقكم،
مصنوعة من التراب الذي نسميه أرضًا،
والمعدن الذي نسميه ملحًا،
في صورة لا نملك كلمات تشبهها، [لكنكم] تعيشون عليها.(1994)
فيليب لافين (1928-2015).
ولد لافين بمدينة ديترويت الصناعية لوالدين من اليهود الروس المهاجرين، بدأ يعمل بمصانع السيارات منذ الرابعة عشرة، وبدأ بكتابة الشعر أثناء دراسته بالجامعة. بعد نهاية زواجه الأول، بدأ بدراسة الشعر بجامعة أيوا دون التسجيل فيها رسميًا في 1954 بكتابة أطروحة حول شعر جون كيتس، وأكمل دراسته حتى حصل على درجة ماجستير الفنون الجميلة عام 1957، وفي نفس العام حصل على زمالة جونز في الشعر من جامعة ستانفورد. عمل لافين بعدها في التدريس بأقسام اللغة الانجليزية والكتابة الابداعية بجامعات ولاية كاليفورنيا - فريزنو، وجامعة نيويورك، وجامعة برينستون، وغيرها. اشتهر لافين بكتابته عن الطبقة العاملة بديترويت، وبشعره الذي قد يتناقض في أحيان كثيرة مع المثل العليا المرتبطة بالحلم الأمريكي وبأمريكا. يبتعد لافين في قصائده مصادر الموسيقى الشعرية التقليدية ويعتمد على التوتر الناتج من ايقاع سطوره الشعرية وتكوين جملها. اختار لافين أن يصبح صوت من لا صوت لهم، الأشخاص العاديين الذين يمتهنون أعمالًا بلا أمل في حياة كريمة. القصيدة المترجمة هنا، التي تتخذ من كاليفورنيا-فريزنو مسرحًا لها، تبقى متسقة مع بقية مسيرة لافين الشعرية، فهي مثل العديد من قصائده تفاجئنا بصوت أبطال يتأملون حياتهم وكيف قادتهم خطواتهم لفخاخ قاتلة لم يسعوا إليها أو يرغبوا في صنعها أبدًا. إنها الحياة المضادة للحلم الأمريكي المزعوم. نرافق بطل القصيدة في مشهد حسي عادي -ورمادي- ويقودنا بخفة وحرفية من مطالعة أبسط المتع الحسية، إلى مواجهة الحقيقة الكامنة غير المنطوقة. يمنحها ظلًا وقوامًا وطعمًا، ويتركنا -في غياب الضوء- لنفكر كم من الوقت احتاج هنري ليقتل نفسه.
نشرت القصيدة عام 1994 في كتاب يحمل نفس العنوان: الحقيقة البسيطة، والذي حاز على جائزة البوليتزر عن فئة الشعر عام 1995. ونسمعها عبر هذا الرابط بصوت لافين نفسه.